دولياًسياسة

فرنسا تعتزم ترحيل عشرات الجزائريين وتنتظر رد الجزائر

تستعد الحكومة الفرنسية لإرسال قائمة تضم “عدة عشرات” من أسماء مواطنين جزائريين ترغب في ترحيلهم، وذلك خلال الأيام القليلة المقبلة، وفقًا لمصادر حكومية نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية (AFP).

وأوضحت ثلاث مصادر حكومية أن القائمة ستُرسل إلى السلطات الجزائرية “اليوم أو غدًا، أو في الأيام القليلة القادمة”، مؤكدةً أن الخطوة “باتت وشيكة”. وتشمل القائمة أقل من مئة شخص، في حين يُنتظر إرسال قوائم أخرى لاحقًا، ما يشير إلى أن فرنسا تنتهج سياسة جديدة أكثر تشددًا بشأن المهاجرين غير النظاميين.

تصاعد التوتر بين باريس والجزائر

يأتي هذا الإجراء في سياق توتر متزايد بين باريس والجزائر، تفاقم بعد الهجوم الذي وقع في 22 فيفري بمدينة ميلوز، وأسفر عن سقوط قتيل، حيث تبين أن منفذه جزائري كان يعيش في فرنسا في وضع غير قانوني، ولم يتم ترحيله بسبب رفض الجزائر استعادة بعض رعاياها غير النظاميين.

ويضاف هذا الملف إلى سلسلة من الخلافات بين البلدين، خصوصًا بعد اعتراف فرنسا، في جويلية 2024، بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو قرار أثار استياء الجزائر. وقد انعكس هذا التوتر على عدة ملفات، أبرزها التعاون الأمني والاقتصادي، فضلًا عن القيود المتبادلة على التأشيرات والتنقل بين البلدين.

باريس تؤكد رغبتها في الحوار لكن بشروط

أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، في جلسة مساءلة حكومية الأسبوع الماضي، أن باريس لا تسعى إلى “تصعيد” مع الجزائر، لكنها تعتبر رفض الأخيرة استعادة مواطنيها غير النظاميين “خرقًا مباشرًا للاتفاقيات الثنائية”.

وأضاف الوزير أن فرنسا تأمل في إعادة العلاقات إلى طبيعتها وحل الخلافات مع الجزائر “لكن بحزم ودون تهاون”، مشيرًا إلى أن إرسال هذه القائمة يشكل خطوة نحو “مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، تتيح تسوية الخلافات وبحث إمكانيات التعاون الاستراتيجي”.

وفي حديثه عن ضرورة احترام الاتفاقيات بين البلدين، شدد بارو على أن فرنسا لن تتساهل في مسألة إعادة المهاجرين غير الشرعيين، معتبرًا أن الأمر يرتبط أيضًا بالأمن الداخلي الفرنسي، خاصة بعد الحوادث الأخيرة التي تورط فيها مهاجرون غير نظاميين.

تهديد فرنسي بإلغاء اتفاق 1968

وكان رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، قد هدد نهاية فيفري بإلغاء اتفاق 1968، الذي يمنح الجزائريين امتيازات خاصة فيما يتعلق بالإقامة والعمل والتنقل في فرنسا، إذا لم تبادر الجزائر إلى استعادة مواطنيها غير النظاميين في غضون ستة أسابيع.

ويعتبر هذا الاتفاق أحد الركائز الأساسية للعلاقات الثنائية بين باريس والجزائر، حيث يمنح الجزائريين وضعًا مميزًا مقارنة بمواطني الدول الأخرى. وإلغاؤه قد يؤدي إلى تداعيات كبيرة على الجالية الجزائرية في فرنسا، التي تُعد من أكبر الجاليات الأجنبية في البلاد.

في المقابل، تبنى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، موقفًا أكثر اعتدالًا، معلنًا أنه “يفضل إعادة التفاوض على الاتفاق بدلًا من إلغائه”، وهو ما يعكس تباينًا داخل الحكومة الفرنسية بشأن كيفية التعامل مع الجزائر في هذا الملف الحساس.

قائمة أولى تتبعها قوائم أخرى

وفقًا للمصادر الحكومية، فإن القائمة الحالية لن تكون الأخيرة، إذ تعتزم فرنسا إرسال قوائم إضافية في المستقبل، ما يعني أن ملف الهجرة غير النظامية سيبقى في صلب العلاقات المتوترة بين البلدين.

وتؤكد فرنسا أن هدفها ليس التصعيد، بل الضغط على الجزائر للامتثال للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين. غير أن الجزائر، التي تعتبر هذا الملف جزءًا من سيادتها، قد تتعامل مع هذه الخطوة بحذر، لا سيما في ظل الظروف السياسية والدبلوماسية الراهنة.

ما القادم؟

مع استمرار تبادل المواقف بين باريس والجزائر، يظل السؤال الأهم: كيف سترد الجزائر على هذه القائمة؟ وهل ستشهد العلاقات بين البلدين مزيدًا من التوتر، أم أن هناك مجالًا للتوصل إلى تفاهمات جديدة قد تعيد التوازن للعلاقات الثنائية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock