قوات حفتر تمنع “قافلة الصمود” من المرور: خطوة تثير الغضب والاستياء الشعبي داخل وخارج ليبيا

في خطوة أثارت موجة واسعة من الغضب الشعبي والاستياء الإنساني، أقدمت قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، يوم الجمعة، على منع “قافلة الصمود” الإنسانية من مواصلة طريقها نحو وجهتها، دون تقديم أي مبررات واضحة أو أسباب قانونية، وسط صمت رسمي من قياداته.
القافلة، التي ضمّت نشطاء وحقوقيين ومتضامنين من عدة دول عربية، كانت تحمل مساعدات إنسانية ورسائل تضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة، وتهدف إلى كسر الحصار الرمزي المفروض على القطاع من خلال الدعم الشعبي، في وقت يعيش فيه أهالي غزة واحدة من أعنف الهجمات التي عرفها القطاع في تاريخه الحديث.
حفاوة في الغرب.. وإغلاق في الشرق
منذ لحظة دخولها الأراضي الليبية، لقيت القافلة ترحيبًا واسعًا من المواطنين الليبيين في مدن الغرب الليبي، حيث استُقبلت في الزاوية وطرابلس وزليتن ومصراتة بحفاوة كبيرة، تعكس الوجه الحقيقي للشعب الليبي، الذي لطالما وقف إلى جانب القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لكن هذا المشهد تغيّر كليًا عند اقتراب القافلة من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات حفتر، حيث قُطعت الطرق وتلقّى المشاركون تهديدات واضحة بعدم السماح لهم بالعبور، ما أجبرهم على التخييم والمبيت على قارعة الطريق.
دلالات سياسية وأبعاد إنسانية
منع القافلة لم يكن مجرّد إجراء عسكري، بل رسالة سياسية واضحة تعبّر عن طبيعة العقلية التي تُدير المناطق الشرقية في ليبيا، والتي ترفض أي تحرك شعبي خارج سيطرتها، حتى وإن كان إنسانيًا بامتياز.
ويرى مراقبون أن ما جرى يسلط الضوء على طبيعة العلاقة الوثيقة بين حفتر والنظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي، حيث ينهل الطرفان من نفس المدرسة العسكرية التي تعتبر العمل المدني تهديدًا، والتضامن الإنساني نوعًا من التمرد.
ردود فعل غاضبة
سارعت جهات سياسية وحقوقية ليبية إلى التنديد بالخطوة، مؤكدين أن هذه التصرفات لا تمثل ليبيا ولا شعبها، بل تعبّر عن سلوك مجموعات مسلحة خارجة عن الشرعية.
وكتب أحد النشطاء على فيسبوك:
“اعذرونا، فوالله ما لنا يد في الأمر. ما حدث بعد مغادرتكم غرب ليبيا لا يمثلنا، ولا يمثل حكومتنا. الليبيون الحقيقيون هم من فتحوا لكم قلوبهم وبيوتهم.”
كما انتشرت تعليقات تؤكد أن هذا التصرف كشف بوضوح حقيقة الطرف الذي يسعى دائمًا لإسكات الصوت الحر وإجهاض أي مبادرة تحمل طابعًا إنسانيًا أو وطنيًا.
خاتمة
في الوقت الذي توحّد فيه الشعوب الحرة من مختلف أنحاء العالم تضامنًا مع غزة، لا تزال بعض الأنظمة والميليشيات ترى في التعاطف جريمة، وفي الدعم الإنساني تهديدًا.
لكن رغم العراقيل، أثبتت “قافلة الصمود” أن رسالتها وصلت، وأن الشعوب لا تُمنع من قول كلمتها، حتى لو أُغلقت الطرق وتقاطعت البنادق.