مروان قروابي وإثارة الجدل: بين حرية الإبداع والانتقادات اللاذعة

بقلم: نسيم درباك
مدخل إلى الجدل
في الأيام الأخيرة، تصدر الممثل الجزائري مروان قروابي عناوين النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب دوره في المسلسل الكوميدي “لاغازات”، حيث ظهر متنكّرًا في زي امرأة. وقد أثار هذا الظهور موجة واسعة من الجدل والانقسام بين الجمهور والنقاد، إذ يرى البعض أنه مجرد أداء تمثيلي عادي في إطار الكوميديا، بينما اعتبره آخرون تجاوزًا للحدود الفنية والثقافية، خاصة خلال شهر رمضان.
ما الذي أثار الجدل؟
في مسلسل “لاغازات”، يجسد مروان قروابي شخصية امرأة تتقدم لوظيفة سكرتيرة في صحيفة. وبينما رأى البعض أن المشهد جزء من الأداء الكوميدي، اعتبر آخرون أن الأمر غير لائق بالفنان ولا يتماشى مع ثقافة المجتمع الجزائري. سرعان ما انتشرت صوره ومقاطع الفيديو، ما أدى إلى موجة انتقادات حادة، بعضها ركّز على الدور، بينما ذهب البعض الآخر إلى التشكيك في اختيار قروابي لهذا النوع من الأدوار.
انقسام الآراء بين الجمهور والنقاد
شهدت منصات التواصل الاجتماعي نقاشات حادة بين فريقين:
• المؤيدون: يرون أن الفن لا يجب أن يخضع للرقابة الأخلاقية، وأن تمثيل شخصية نسائية لا يعني المساس بالقيم. واستشهدوا بأسماء كبيرة في عالم الفن مثل إسماعيل ياسين، عادل إمام، ومحمد هنيدي، الذين قدموا أدوارًا مماثلة دون أن يمسّ ذلك من قيمتهم الفنية.



• المعارضون: اعتبروا أن هذا الدور لا يضيف شيئًا للفن، بل يهدف فقط لإثارة الجدل والبحث عن نسب مشاهدة مرتفعة. كما رأى البعض أن هذا النمط من التمثيل لا يتماشى مع خصوصية المجتمع الجزائري، متهمين قروابي بمحاولة التشبه بالنساء أو تقديم محتوى غير ملائم لشهر رمضان.
ردّ مروان قروابي على الانتقادات
في مواجهة الانتقادات اللاذعة، خرج مروان قروابي عن صمته بمنشور على حسابه الشخصي، قال فيه:
“أنا لا أرد ولا أدافع عن نفسي، بل أثبت أن العمل هو العمل، وما قمت به اليوم قام به كبار الفنانين في العالم. الفن ليس تقليصًا للشخصية بل تجسيدٌ لمشاهد تنتهي عند انتهاء القصة.”
وقد أكد أنه يحترم وجهات النظر المختلفة، لكنه يرى أن الحكم على عمله يجب أن يكون من منظور فني بحت، وليس من منطلق أخلاقي أو اجتماعي.
حملة انتقادات واسعة
الانتقادات لم تأتِ فقط من الأفراد العاديين، بل حتى بعض الصفحات الجزائرية على وسائل التواصل هاجمت قروابي بشدة، حيث جاء في منشور لصفحة “Beauty Algériennes”:
“أسوأ ظهور في تاريخ مروان قروابي… لم نكن نتوقع أن يصل به الأمر إلى هذا المستوى على التلفزيون الجزائري.”
وذهب بعض المنتقدين إلى القول بأن قروابي أساء لصورة “الرجولة” في الجزائر، متسائلين عما إذا كان ذلك مجرد دعاية مجانية أو أزمة في هوية الفن المعاصر.
دعم إعلامي وردود فعل مؤيدة
في المقابل، دافع بعض الإعلاميين عن قروابي، معتبرين أن الهجوم عليه يعكس أزمة فكرية أعمق في المجتمع. الإعلامي باسعيد عيسى كتب في منشور:
“نحن في زمن يُهاجم فيه الفنان بسبب دوره، بينما يتم التغاضي عن قضايا أكثر أهمية. لا يمكن أن نسمح لتيارات معينة بفرض وصايتها على الفن والإبداع.”
أزمة ثقافية أم مجرد جدل عابر؟
يبقى السؤال المطروح: هل الجدل حول دور مروان قروابي يعكس رفضًا لتجسيد الرجال لأدوار نسائية، أم أن القضية تتعلق بجودة المحتوى الفني؟
الجدل المستمر يظهر أن الجزائر، مثل كثير من الدول، ما زالت تعيش صراعًا بين تيارين: تيار يريد المحافظة على القيم التقليدية، وآخر يدعو لحرية التعبير في الفن دون قيود.
الخاتمة
سواء كنت من مؤيدي قروابي أو منتقديه، لا شك أن هذه القضية ستبقى مثالًا حيًا على النقاشات المستمرة حول حدود الفن في المجتمعات العربية، ومدى تقبل الجمهور للأعمال التي تكسر القوالب التقليدية. الأيام القادمة كفيلة بتحديد ما إذا كان هذا الجدل سيؤثر على مسيرة قروابي، أم أنه مجرد عاصفة إعلامية سرعان ما تهدأ.