مخبزة في جيجل تقدم الخبز مجانًا طوال رمضان: تقليد إنساني متوارث

رمضان شهر الخير والعطاء
يحلّ شهر رمضان المبارك حاملًا معه روح التكافل والتضامن، حيث يحرص الكثير من الأفراد والمؤسسات على تقديم يد العون للمحتاجين عبر مبادرات خيرية متنوعة. ومن بين هذه المبادرات التي تعكس روح الشهر الفضيل، تبرز مبادرة مخبزة “بوقطة رضوان” بولاية جيجل، التي تقدم الخبز مجانًا لكل من يحتاجه طوال أيام شهر رمضان.
مبادرة خيّرة متوارثة عبر الأجيال
ليست هذه السنة الأولى التي تنفذ فيها مخبزة بوقطة هذه المبادرة الإنسانية، بل إنها عادة توارثتها العائلة منذ سنوات طويلة تنفيذًا لوصية والدهم الراحل. فقد أوصى والد العائلة، الذي كان صاحب المخبزة، أبناءه بأن يستمروا في تقديم الخبز بالمجان خلال شهر رمضان، إيمانًا منه بأن هذا الشهر هو فرصة لتعزيز التكافل الاجتماعي ومساعدة المحتاجين دون تمييز.

ومنذ ذلك الحين، أصبح توزيع الخبز المجاني تقليدًا سنويًا تحرص العائلة على الوفاء به، رغم الظروف الاقتصادية المتغيرة وتحديات السوق. وقد لاقت هذه المبادرة استحسانًا واسعًا من قبل سكان جيجل، الذين يرون فيها مثالًا حيًا على روح التضامن التي تميز المجتمع الجزائري.
إقبال كبير وشكر من المواطنين
مع بداية كل يوم من أيام رمضان، تشهد مخبزة بوقطة توافد العديد من المواطنين، الذين يجدون في هذه المبادرة دعمًا كبيرًا لهم، خصوصًا للعائلات ذات الدخل المحدود. فالحصول على الخبز بالمجان يُخفّف من الأعباء المالية اليومية، خاصة في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية.
عبّر العديد من سكان جيجل عن امتنانهم لهذه المبادرة، حيث يقول أحد المستفيدين: “كل سنة، نحن نعلم أن هذه المخبزة تفتح أبوابها للناس دون مقابل، وهذا يعكس أخلاقًا عظيمة ومبادئ إنسانية نبيلة. بارك الله في أصحابها وجزاهم خيرًا.”
كما يرى البعض أن مثل هذه المبادرات يجب أن تُعمّم على نطاق أوسع، وأن تُشجع التجار وأصحاب المخابز الأخرى على تخصيص جزء من إنتاجهم اليومي لمساعدة المحتاجين، خاصة خلال شهر رمضان الذي يُعدّ شهر البركة والخير.

رسالة إنسانية تتجاوز تقديم الخبز
لا تقتصر هذه المبادرة على تقديم الخبز فقط، بل تحمل في طياتها رسالة إنسانية سامية تعكس قيم العطاء والتضامن التي تميّز المجتمع الجزائري. كما أنها تُذكّر الجميع بأهمية الوقوف إلى جانب بعضهم البعض في الأوقات الصعبة، وتعزز ثقافة التعاون والتكافل الاجتماعي.
كما أن استمرار هذه العادة لعقود طويلة يؤكد أن الخير لا ينقطع، وأن الأجيال المتعاقبة تحافظ على وصايا الآباء والأجداد في نشر الخير والتراحم بين الناس.
الدعوة إلى نشر الخير في المجتمع
مع انتشار هذه المبادرات الخيرية، يأمل الكثيرون أن يتم تعزيز هذه الثقافة في مختلف مناطق الجزائر، بحيث لا تقتصر فقط على المخابز، بل تشمل محلات بيع المواد الغذائية والتجار الذين يستطيعون تخصيص جزء من بضاعتهم لمساعدة الأسر المحتاجة.
وفي هذا الصدد، يرى بعض الناشطين في المجال الخيري أن دعم مثل هذه المبادرات وتعميمها من شأنه أن يسهم في خلق مجتمع أكثر تكافلًا، حيث يشعر كل فرد بالمسؤولية تجاه الآخر، خاصة في الأوقات التي تزداد فيها الحاجة إلى التعاون والتآزر.
رمضان.. فرصة لتعزيز القيم الإنسانية
يُعدّ شهر رمضان فرصة مثالية لتعزيز القيم الإنسانية النبيلة، مثل العطاء والإيثار والتكافل. ومن خلال مبادرات مثل مبادرة مخبزة بوقطة، يتجسد هذا المعنى في أبهى صوره، حيث يتم تقديم المساعدة دون انتظار مقابل، وبنية صادقة لخدمة المجتمع.
في النهاية، تظل مثل هذه الأعمال الخيرية بمثابة شموع مضيئة في مجتمعنا، تُضيء درب المحتاجين وتُرسّخ قيم التعاون والتضامن التي تجعل شهر رمضان أكثر بركة ورحمة على الجميع.