وطنياً

فرنسا ترفض تسليم بوشوارب للجزائر: قرار يعمّق الأزمة بين البلدين

باريس – 7 مارس 2025

في تطور جديد يُنذر بمزيد من التوتر في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، أوصى الادعاء العام الفرنسي بعدم تسليم الوزير الجزائري الأسبق، عبد السلام بوشوارب، إلى بلاده، رغم إدانته في عدة قضايا فساد. وجاء هذا الموقف خلال جلسة عُقدت يوم الأربعاء 5 مارس أمام محكمة الاستئناف في إيكس أون بروفانس، حيث دافع الادعاء عن رفض طلبات التسليم الجزائرية مستندًا إلى ما وصفه بـ”مخاوف بشأن ظروف السجون في الجزائر”.

قرار حاسم في 19 مارس

من المقرر أن تصدر المحكمة قرارها النهائي في 19 مارس الجاري، وفي حال كان الحكم لصالح بوشوارب، فستُلغى جميع إجراءات تسليمه نهائيًا. وخلال الجلسة، برّر المدعي العام رافائيل سانيسي دي جنتيلي موقفه بالقول إن تسليم الوزير الأسبق، البالغ من العمر 72 عامًا، “قد يشكل خطرًا على حياته أو يؤدي إلى تدهور حالته الصحية بشكل لا رجعة فيه”.

وأضاف الادعاء أن السلطات الجزائرية خططت لوضع بوشوارب في سجن الحراش، ضمن قاعات تتراوح مساحتها بين 120 و145 مترًا مربعًا، لكنّ ذلك لم يكن كافيًا لإقناع الجانب الفرنسي. وقال المدعي العام: “من الصعب تخيّل شخص في حالته الصحية يعيش وسط مجموعة من السجناء في ظروف كهذه”.

بين القضاء والسياسة: بوشوارب يدافع عن نفسه

أمام المحكمة، حاول بوشوارب تقديم نفسه كضحية لاضطهاد سياسي، حيث قال: “أنا لست لصًا، بل رجل أعمال كبير ومعارض للإسلاميين”، مؤكدًا أن محاكمته في الجزائر لها أبعاد سياسية. وظهر الوزير السابق، الذي كان أحد أبرز وجوه نظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، بحالة صحية متدهورة، وبدا على وشك البكاء خلال الجلسة.

الجزائر ترد: لا مبرر للرفض

من جهتها، أكدت المحامية الفرنسية آن-صوفي بارتاي، التي تمثل الجزائر، أن السلطات الجزائرية قدّمت كل “الضمانات اللازمة” بخصوص ظروف اعتقال بوشوارب، وشددت على أن القضية تتعلق بمحاسبة مسؤول متورط في نهب المال العام، وليس بأي أبعاد سياسية أو دبلوماسية. وقالت بارتاي: “لقد سرق أموال الجزائريين، أُدين قضائيًا، ويجب أن يدفع ثمن جرائمه”.

يُذكر أن بوشوارب قد حُكم عليه خمس مرات بالسجن لمدة 20 عامًا في الجزائر، بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال السلطة عندما كان وزيرًا للصناعة والمناجم بين 2014 و2017، كما يواجه محاكمة جديدة في قضية فساد سادسة.

انعكاسات دبلوماسية متوقعة

يأتي هذا القرار الفرنسي في سياق أزمة دبلوماسية متصاعدة بين الجزائر وباريس، تفاقمت بسبب قضايا تاريخية وسياسية، وكان ملف تسليم المطلوبين الجزائريين في فرنسا أحد النقاط الخلافية الرئيسية بين البلدين. ويُتوقع أن يؤدي رفض تسليم بوشوارب إلى مزيد من التوتر، خاصة أن الجزائر تنظر إلى فرنسا على أنها ملاذ آمن لعدد من المسؤولين السابقين المتهمين بقضايا فساد.

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية تتجه نحو مزيد من التعقيد، حيث يُطرح السؤال: هل ستُقدم الجزائر على رد دبلوماسي حازم، أم أن باريس ستنجح في تجنب مزيد من التصعيد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock