الحاج لونيس حميطوش في ذمة الله: الجزائر تودّع أحد أعمدة الاقتصاد الوطني

الجزائر – 19 أفريل 2025
فقدت الجزائر اليوم واحدًا من أعلامها البارزين في مجال الصناعة والعمل الخيري، الحاج لونيس حميطوش، مؤسس شركة صومام الرائدة في صناعة مشتقات الحليب، عن عمر ناهز التسعين عامًا، بعد مسيرة طويلة حافلة بالنجاحات والعطاء الوطني.
وُلد الفقيد في ولاية بجاية، وتحديدًا بمنطقة أقبو، حيث بدأ خطواته الأولى في عالم التجارة والصناعة في فترة كانت الجزائر تعيش تحديات أمنية واقتصادية كبرى. في سنة 1993، أسس ملبنة صومام، المشروع الذي سينمو ليصبح لاحقًا أحد أكبر وأهم الشركات الغذائية في الجزائر والقارة الإفريقية.
رجل بصمة ورؤية
لم يكن الحاج لونيس مجرد رجل أعمال ناجح، بل كان من أولئك الذين يؤمنون بالاستثمار في الوطن ومن أجله. صرّح في إحدى مقابلاته مع قناة “ناس جيجل” قائلاً:
“خدمت فالجزاير، ربحت فالجزاير، ونصرف دراهمي فالجزاير”
عبارة تختصر فلسفة حياة رجل نذر نفسه لخدمة وطنه، وأصرّ على أن تبقى أرباحه ومشاريعه في خدمة الاقتصاد الوطني.
أيقونة العمل الخيري في زمن الأزمات
لم يكن الراحل رجل أعمال فقط، بل مثالًا نادرًا في البذل والعطاء. اشتهر خلال حياته بمبادراته الإنسانية المتعددة، خاصة في الأوقات الصعبة. ففي عزّ جائحة كورونا، وحين كانت المستشفيات الجزائرية تعاني من نقص فادح في الوسائل، بادر الحاج لونيس حميطوش إلى شراء عشرات سيارات الإسعاف وتوزيعها على مستشفيات الوطن، إلى جانب توفير أجهزة طبية وتجهيزات حيوية ساهمت في إنقاذ الأرواح.
كما لبّى نداءات فردية في مناطق مختلفة، فتكفّل بعلاج المرضى، وساهم في إسكان عائلات معوزة، على غرار ما فعله مع عائلة فقيرة في أقبو حين اشترى لها شقة وتكفّل بجميع مصاريفها. ولم يتردد أيضًا في التبرع بمبالغ كبيرة لمواطنين فقدوا مصدر رزقهم، كما حدث حين قدّم 100 مليون سنتيم لمربّي مواشٍ من جيجل فقد قطيعه بالكامل.
مبادراته كانت نابعة من قلبه، لا من واجب أو دعاية، لذلك لامست مشاعر الجزائريين وخلّدت اسمه كرمز للكرم والتواضع والوفاء للوطن والناس.
وفاة تهز الساحة الاقتصادية والاجتماعية
رحيل الحاج لونيس حميطوش خلّف حزنًا عميقًا في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، حيث نعته العديد من الشخصيات والمؤسسات، مؤكدين أن الجزائر فقدت واحدًا من أنبل رجالاتها، رجلًا لم يغيّره المال ولا المجد، وبقي حتى آخر لحظة وفيًا لمبادئه، متواضعًا مع الجميع.
إرث باقٍ لأجيال قادمة
سيظل اسم الحاج لونيس حميطوش محفورًا في ذاكرة الجزائريين، ليس فقط كرائد في الصناعة، بل كقدوة في الأخلاق والنزاهة والوطنية. وستبقى “صومام” شاهدة على رؤية رجل آمن أن الجزائر تستحق الأفضل، وعمل طيلة حياته من أجل ذلك.
إنا لله وإنا إليه راجعون.