شهدت فرنسا سلسلة اعتقالات طالت خمسة مؤثرين جزائريين في غضون أسابيع قليلة، بتهم تتعلق بالتحريض على العنف وتمجيد الإرهاب عبر منصات التواصل الاجتماعي. تأتي هذه الخطوات في سياق أمني حساس، لكنها تزامنت مع توترات دبلوماسية متزايدة بين باريس والجزائر، مما أثار جدلًا حول الأبعاد الأمنية والسياسية لهذه القضايا.
1. يوسف أزيريا (زازو يوسف): بداية الاعتقالات
في 31 ديسمبر 2024، ألقت السلطات الفرنسية القبض على يوسف أزيريا المعروف بـ”زازو يوسف”، وهو مؤثر يمتلك أكثر من 400 ألف متابع على منصة “تيك توك”. وُجهت إليه تهم التحريض على العنف ضد معارضي النظام الجزائري في فيديوهات أثارت جدلًا واسعًا. يوسف حاليًا بانتظار المحاكمة، المقررة في فيفري المقبل، ويواجه عقوبة تصل إلى سبع سنوات سجنًا.
2. عماد (تان تان): الحادثة الثانية
في أوائل جانفي 2025، تم توقيف عماد المعروف بـ”تان تان”، الذي يتابعه أكثر من 70 ألف شخص. جاء اعتقاله بعد اتهامه بنشر محتوى يمجد الإرهاب ويُشجع على العنف، في إطار حملة أمنية موسعة.
3. نعمان بوعلام (دوالمن): جدل الترحيل
في 9 جانفي 2025، أُلقي القبض على نعمان بوعلام في مونبلييه، بعد نشره فيديوهات تتضمن خطاب كراهية. حاولت فرنسا ترحيله إلى الجزائر، لكن السلطات الجزائرية رفضت استقباله، ما أدى إلى إعادته لفرنسا ووضعه قيد الاحتجاز الإداري. القضية أثارت انتقادات جزائرية، ووصفتها بأنها محاولة لـ”إذلال” الجزائر.
4. صوفيا بنلامان: اعتقال المؤثرة الفرنسية-الجزائرية
في 11 جانفي 2025، تم اعتقال المؤثرة الفرنسية-الجزائرية صوفيا بنلامان، التي يتابعها أكثر من 300 ألف شخص، بتهم تتعلق بالتحريض على العنف وتهديدات بالقتل. صوفيا تواجه المحاكمة في مارس المقبل، وقد تم منعها من استخدام حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي كجزء من القيود القضائية المفروضة عليها.
5. مهدي ب.: آخر الاعتقالات
في 16 جانفي 2025، أعلن وزير الداخلية الفرنسي عن اعتقال مهدي ب. بعد نشره مقطع فيديو هدد فيه بتنفيذ أعمال عنف، بما في ذلك تفجير وزارة الدفاع الفرنسية. تم الحكم عليه بالسجن لمدة ثمانية أشهر مع قرار بترحيله بعد انتهاء محكوميته.
أبعاد سياسية ودبلوماسية
تأتي هذه الاعتقالات في سياق العلاقات المتوترة بين فرنسا والجزائر، حيث تتشابك ملفات عدة، من بينها قضية الصحراء الغربية واعتقال الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال في الجزائر. الجزائر وصفت الإجراءات الفرنسية الأخيرة بأنها “استفزاز” و”تصعيد”، بينما تؤكد باريس أنها تهدف إلى الحفاظ على الأمن الداخلي ومكافحة خطاب الكراهية.
تحديات قانونية وإنسانية
يثير توقيف المؤثرين نقاشًا حول الحدود بين حرية التعبير وحماية الأمن الوطني. يرى البعض أن هذه الإجراءات تأتي ضمن سياسات مشددة تهدف إلى حماية فرنسا من التهديدات الإرهابية، في حين يعتبرها آخرون تصعيدًا يحمل أبعادًا سياسية في ظل العلاقات المتوترة بين البلدين.
نحو حلول دبلوماسية
تمثل هذه الأحداث اختبارًا جديدًا للعلاقات الثنائية بين باريس والجزائر. ومع استمرار التصعيد، تبدو الحاجة ملحة لاعتماد الحوار الدبلوماسي كوسيلة لتخفيف حدة التوتر وضمان معالجة القضايا الأمنية والإنسانية بشكل متوازن.