
في تطور جديد يزيد من حدة الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، صعّد وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، لهجته ضد الجزائر، متّهماً إياها بـ “العدوان” ورفض التعاون في ملف ترحيل الجزائريين المقيمين بطريقة غير شرعية في فرنسا. تصريحات ريتايو، التي أدلى بها خلال مقابلة مع إذاعة Sud Radio، تعكس توجهاً أكثر صرامة من باريس تجاه الجزائر، مما ينذر بمزيد من التوتر بين البلدين.
الجزائر ترفض والوزير الفرنسي يهدد
أكد ريتايو أن الجزائر ترفض استقبال نحو “60 شخصًا” قررت باريس ترحيلهم، مشيراً إلى أن موقف الجزائر يشكل “تهديداً مباشراً” للأمن الفرنسي. وربط الوزير هذا الملف بالهجوم الإرهابي الذي وقع في مدينة مولهاوس، حيث قام جزائري غير شرعي بقتل مواطن برتغالي، معتبراً أن هذا الحادث يبرر تشديد موقف فرنسا تجاه الهجرة غير النظامية.
كما أبدى الوزير امتعاضه مما أسماه “الهجوم الإعلامي الجزائري” عليه، مشيراً إلى أنه أصبح في واجهة الصحف الجزائرية، ومؤكداً أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون “يريد استقالته”. لكنه شدد على أنه لن يتراجع عن موقفه طالما أن الحكومة الفرنسية تدعمه في سياسته الصارمة تجاه الجزائر.
إجراءات عقابية في الأفق؟
لم يكتفِ ريتايو بالتصعيد الكلامي، بل ألمح إلى إمكانية إلغاء الامتيازات التي حصل عليها الجزائريون بموجب اتفاقيات ما بعد الاستقلال. ومن بين هذه الامتيازات، النظام الصحي الذي يسمح للجزائريين بالحصول على رعاية طبية في فرنسا بنفس شروط المواطنين الأوروبيين.
وأشار الوزير أيضًا إلى أن بلاده تدرس تعليق اتفاق 1968، الذي يمنح بعض الجزائريين تأشيرات دبلوماسية، مؤكداً أن “الرد الفرنسي سيكون تدريجياً”، وأنه سيتم اتخاذ مزيد من الإجراءات في غضون الأسابيع الستة المقبلة إذا لم تغيّر الجزائر موقفها.
ملف الحريات و”التهديد الإسلامي”
لم يتوقف هجوم ريتايو عند ملف الترحيل، بل تطرّق أيضاً إلى قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، الذي قال إنه معتقل في الجزائر منذ نوفمبر الماضي بسبب “حبه للغة الفرنسية وتمسكه بالحرية”، داعياً إلى الإفراج عنه.
وفي سياق آخر، جدّد الوزير موقفه الرافض لارتداء الحجاب في المنافسات الرياضية، وهاجم من أسماهم بـ”الإخوان المسلمين”، زاعماً أنهم يسعون لفرض الشريعة الإسلامية في المجتمع الفرنسي عبر الأندية الرياضية.
توتر غير مسبوق.. إلى أين تتجه الأزمة؟
تصريحات وزير الداخلية الفرنسي تعكس بوضوح أن الأزمة بين الجزائر وباريس تتجه نحو مزيد من التعقيد، خصوصاً مع التهديدات المتكررة بفرض عقوبات على الجزائريين، سواء فيما يخص التأشيرات أو الامتيازات الأخرى.
فهل ستتخذ الجزائر خطوات مضادة لحماية مصالحها، أم أن باريس ستواصل تصعيدها دون مواجهة رد قوي من الجزائر؟ الأيام القادمة ستكشف عن مستقبل هذا الصراع الدبلوماسي المحتدم.
عن Le Parisien