دولياًسياسة

فرنسا ترفض تسليم عبد السلام بوشوارب للجزائر: القضاء يحسم الجدل ويغلق الملف نهائيًا

باريس – 19 مارس 2025

في قرار قضائي يحمل أبعادًا قانونية وسياسية، رفضت محكمة الاستئناف في إيكس أون بروفانس، اليوم الأربعاء 19 مارس، طلبات الجزائر المتكررة لتسليم وزير الصناعة والمناجم الأسبق عبد السلام بوشوارب، معلنة بذلك انتهاء جميع إجراءات تسليمه بشكل نهائي.

مبررات الرفض: وضع صحي حرج وحقوق إنسان

استندت المحكمة في حكمها إلى الوضع الصحي المتدهور لبوشوارب، البالغ من العمر 72 عامًا، معتبرة أن ترحيله إلى الجزائر قد يعرضه لخطر الموت أو يؤدي إلى تدهور سريع في حالته الصحية. وجاء في نص الحكم أن تسليمه “قد يشكل انتهاكًا للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إضافة إلى المادة 5 من اتفاقية التسليم الفرنسية الجزائرية لعام 2019”.

وكانت الجزائر قد طالبت منذ 18 شهرًا بتسليم بوشوارب، المقيم حاليًا في منطقة ألب ماريتيم الفرنسية، وذلك لتنفيذ خمس أحكام بالسجن لمدة 20 عامًا لكل منها، بالإضافة إلى محاكمته في قضية فساد سادسة تتعلق بمخالفات اقتصادية ومالية جسيمة.

بين القانون والسياسة: جدل حول القرار الفرنسي

رفض المحكمة جاء متماشيًا مع موقف النيابة العامة التي قدمت توصية بعدم التسليم خلال جلسة 5 مارس. وخلال المرافعة، أكد المدعي العام الفرنسي، رافائيل سانيسي دي جنتيلي، أن “إبعاد بوشوارب قد يعرضه لخطر يهدد حياته، أو لتدهور صحي سريع لا يمكن عكسه”.

في المقابل، دافعت المحامية الفرنسية آن-صوفي بارتاي، الممثلة القانونية للجزائر، عن موقف بلادها، مؤكدة أن الجزائر قدمت “جميع الضمانات القانونية والقضائية اللازمة”، وشددت على أن “بوشوارب سرق أموال الجزائريين، وقد أُدين قضائيًا، وبالتالي يجب أن يتحمل عواقب أفعاله”.

“إرساله إلى الجزائر يعني الحكم عليه بالموت”

في الجهة المقابلة، وصف محامي الدفاع، بنيامين بوهبوت، القرار بأنه انتصار للعدالة، مؤكدًا أن تسليم موكله كان سيؤدي إلى نتائج كارثية. وقال خلال مرافعته: “البعد السياسي لهذه القضية واضح للعيان، إذا تم ترحيل بوشوارب إلى الجزائر، فسيكون ذلك بمثابة حكم بالإعدام عليه”.

وأضاف بوهبوت أن موكله هو “ضحية لتصفية حسابات سياسية بعد سقوط نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة”، مشيرًا إلى أن العديد من المسؤولين السابقين، بمن فيهم رئيسا وزراء سابقان، تعرضوا لمحاكمات مماثلة وانتهى بهم المطاف بأحكام قاسية بعد حراك 2019 الذي أطاح ببوتفليقة.

انعكاسات القرار على العلاقات الجزائرية-الفرنسية

يأتي هذا القرار في سياق توتر دبلوماسي متصاعد بين الجزائر وباريس، حيث تعتبر الجزائر أن فرنسا أصبحت ملاذًا آمنًا لعدد من المسؤولين السابقين المتهمين بالفساد. وقد يؤدي رفض تسليم بوشوارب إلى مزيد من التعقيد في العلاقات بين البلدين، خاصة أن الجزائر ترى في هذه الخطوة مؤشرًا على عدم تعاون فرنسا في ملف محاربة الفساد.

مع إسدال الستار على قضية بوشوارب في فرنسا، يبقى السؤال مفتوحًا حول التداعيات المحتملة لهذا القرار على العلاقات الجزائرية الفرنسية، وما إذا كانت الجزائر سترد بإجراءات دبلوماسية، أم ستختار التعامل مع الأمر بمرونة تجنبًا لمزيد من التصعيد.

عن وسائل إعلام

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock