الإمام موسى عزوني يرد على منتقديه: لم أُحرّم الزواج على الفقراء!

الجزائر – خاص
بعد الضجة الكبيرة التي أثارتها تصريحاته حول اشتراط السكن والعمل للزواج، خرج الإمام موسى عزوني عن صمته، موضحًا موقفه ومؤكدًا أن تصريحاته قد اجتزئت من سياقها الحقيقي، مما أدى إلى سوء فهمها وتفسيرها بشكل مغلوط.
بداية الجدل: تصريح مجتزأ يشعل مواقع التواصل
في الأيام الأخيرة، انتشر مقطع فيديو مقتطع من محاضرة للإمام موسى عزوني، يتحدث فيه عن ضرورة توفر السكن والعمل كشرط للزواج، وهو ما أثار موجة انتقادات واسعة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي. البعض رأى في هذه التصريحات تشددًا غير مبرر يزيد من معاناة الشباب الجزائري الذي يعاني أصلًا من أزمات اقتصادية، فيما اعتبر آخرون أن الإمام لم يقصد منع الزواج، بل توجيه الشباب نحو تحمل المسؤولية والاستعداد الجيد قبل اتخاذ هذه الخطوة المصيرية.
الإمام يوضح موقفه: “تم بتر كلامي من سياقه”
في رسالة تفصيلية نشرها عبر صفحته الرسمية، أكد الإمام موسى عزوني أن ما تم تداوله لا يعكس مضمون محاضرته الحقيقية، والتي كانت تدور حول أسباب المشاكل الزوجية وحلولها.
وقال الإمام:
“لقد تفاجأت بالحملة التي شُنت ضدي بسبب تصريح مجتزأ تمامًا من محاضرة لها سياقاتها ومحاورها، حيث كنت أتحدث عن الأسرة والزواج وتزويج من لا يملك سكنًا أو عملًا. ومن أجل التوضيح، فإنني لم أقل أبدًا إنه لا يجوز للشاب أن يتزوج إذا كان يعيش مع أهله، بل على العكس، سبق أن أكدت في محاضرات سابقة أن السكن مع العائلة في بداية الزواج قد يكون مفيدًا للشاب وزوجته حتى يتعلما مسؤوليات الحياة الزوجية تدريجيًا.”
كما أشار إلى أن مفهوم “السكن” الذي تحدث عنه لا يعني بالضرورة امتلاك منزل مستقل، بل توفير مكان آمن يحفظ خصوصية الزوجين، حتى ولو كان غرفة ضمن منزل العائلة.
“السكن والعمل ليسا رفاهية بل ضرورة”
وأكد الإمام عزوني أن حديثه عن أهمية توفر السكن والعمل لم يكن بهدف تعجيز الشباب أو وضع شروط تعجيزية أمام الزواج، وإنما كان تأكيدًا على أهمية الاستقرار المادي لضمان حياة أسرية ناجحة. واستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تدل على أهمية العمل والمسكن في بناء الأسرة.
وأضاف:
“الله تعالى قال: (ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة)، مما يدل على أن السكن عنصر أساسي في الاستقرار الأسري، كما أن العمل ضرورة حتى يتمكن الرجل من إعالة أسرته. ومع ذلك، فإنني لم أقل أبدًا إن الزواج يجب أن يكون مقتصرًا على الأغنياء، بل أشدد على أهمية تحمل المسؤولية والسعي لتوفير الحد الأدنى من الاستقرار.”
انتقادات وردود فعل متباينة
تصريحات الإمام أثارت موجة من التعليقات بين من اعتبرها واقعية ومن انتقدها بشدة.
المؤثر الجزائري “Lotfi DK” كان من أبرز المنتقدين، حيث نشر مقطع فيديو يعارض فيه طرح الإمام، مؤكدًا أن الزواج لا يجب أن يكون مقتصرًا على من يملك المال والسكن، مستشهدًا بحياة النبي محمد ﷺ وزواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها، حيث كان يسكن في منزلها.
وقال “Lotfi DK”:
“لا يجب أن نتحدث عن الزواج وكأنه مشروع اقتصادي بحت. الزواج هو شراكة بين رجل وامرأة، يمكنهما أن يبدآ حياتهما معًا حتى لو لم يكن لديهما كل شيء منذ البداية.”
من جهة أخرى، أيد البعض موقف الإمام، معتبرين أن ما قاله يعكس واقعًا لا يمكن إنكاره، حيث أن الزواج مسؤولية وليس مجرد ارتباط عاطفي.
الإمام يدعو إلى التبين وعدم التسرع في الحكم
في ختام رسالته، دعا الإمام موسى عزوني إلى التريث قبل إصدار الأحكام وعدم تصديق كل ما يتم تداوله دون الرجوع إلى المصدر الأصلي، مستشهدًا بالآية الكريمة:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ.”
وأكد أن تاريخه في خدمة الشباب ومساعدتهم على الزواج يشهد له، وأن هدفه كان دائمًا تسهيل الزواج لا تعقيده، مشيرًا إلى أنه لطالما دعا السلطات إلى توفير السكن والمساعدات اللازمة لتشجيع الشباب على بناء أسرهم.
الخلاصة
يبقى الجدل حول تصريحات الإمام موسى عزوني مثالًا حيًا على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام، حيث يمكن لمقطع فيديو مجتزأ أن يثير زوبعة من الانتقادات قبل التحقق من السياق الكامل للكلام. وبينما لا تزال الآراء متباينة، تبقى القضية المطروحة جوهرية: كيف يمكن مساعدة الشباب الجزائري على الزواج في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، دون فرض شروط تعجيزية تعيقهم عن بناء أسرهم؟