دولياًسياسة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يُعرب عن “ثقته” في الإفراج عن بوعلام صنصال

باريس – أفريل 2025

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، عن “ثقته” في إمكانية الإفراج قريبًا عن الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال، المحكوم عليه بالسجن خمس سنوات في الجزائر، مشيرًا إلى أن قضيته تحظى باهتمام من قبل السلطات الجزائرية، في وقت تعرف فيه العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس ديناميكية إيجابية بعد فترة من التوتر.

رسالة تفاؤل من معرض الكتاب

خلال زيارته لمعرض الكتاب في باريس، صرّح ماكرون للصحفيين: “أنا واثق”، مضيفًا: “أعلم أن هناك اهتمامًا خاصًا”. كما عبّر عن أمله في أن تتخذ السلطات الجزائرية “القرار الذي يتيح له استعادة حريته، والحصول على العلاج اللازم، والعودة إلى الكتابة”.

قضية حساسة وتهم مرتبطة بالسيادة

اعتُقل بوعلام صنصال في نوفمبر 2024، إثر تصريحات اعتُبرت في الجزائر مسيئة للسيادة الوطنية وتمسّ بوحدة التراب الوطني، حيث قال خلال مقابلة مع قناة فرنسية يمينية تُدعى Frontières إن “الجزائر ورثت خلال الاستعمار الفرنسي أراضي كانت تعود للمغرب”، في سياق حساس يتعلق بملف الصحراء الغربية، الذي يشكل مسألة مبدئية في السياسة الخارجية الجزائرية.

وقد رأت بعض الأوساط الجزائرية أن تصريحات صنصال لا تندرج ضمن حرية التعبير بقدر ما تُمثل تبنيًا لروايات خارجية تمسّ بأسس الهوية والوحدة الوطنية، خاصة في ظل ظروف إقليمية دقيقة.

وفي 27 مارس 2025، صدر في حقه حكم بالسجن خمس سنوات نافذة وغرامة مالية، بناءً على اتهامات تضمنت “المساس بالوحدة الوطنية” و”الإساءة لهيئات نظامية” و”تهديد الأمن والاستقرار”، مع إسقاط تهمة “التخابر مع جهة أجنبية”. وقد طعن دفاعه في الحكم أمام القضاء الجزائري، في انتظار مآل الإجراءات القانونية.

المحاكمة والبعد الدبلوماسي

بينما أكدت عائلته ومحاموه براءته ودعوا إلى تدخل إنساني بالنظر لوضعه الصحي، شددت السلطات الجزائرية على استقلالية القضاء وضرورة احترام السيادة القضائية للدولة، رافضة في الوقت ذاته تسييس الملف أو تحميله أبعادًا خارجية.

ماكرون من جهته، كان قد تدخل شخصيًا عبر مكالمة هاتفية مع الرئيس عبد المجيد تبون، أعرب خلالها عن أمله في بادرة إنسانية، مؤكدًا أن صنصال كاتب بارز ويعاني من وضع صحي دقيق.

أزمة في العلاقات بدأت تنفك

تأتي هذه القضية في سياق تحسن تدريجي في العلاقات الجزائرية-الفرنسية بعد توتر دام حوالي ثمانية أشهر، بدأ في جويلية 2024، على خلفية تصريحات ماكرون بشأن دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، ما اعتبرته الجزائر مساسًا بموقفها الثابت من حق تقرير المصير.

وقد تفاقمت الأزمة مع رفض الجزائر استقبال بعض المرحّلين من فرنسا، بينهم المؤثر المعروف دوالمين وآخرون ملاحقون في قضايا تمس بالأمن العام، ما خلق حالة من الشد والجذب السياسي.

غير أن المكالمة الهاتفية بين تبون وماكرون في 31 مارس، تبعتها زيارة رسمية لوزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إلى الجزائر، ما أسس لـ”مرحلة جديدة” من الحوار والتعاون، بحسب وصف باريس، في حين أكدت الجزائر بدورها استعدادها للتعامل بندّية واحترام متبادل.

قرار سياسي منتظر في أجواء أكثر هدوءًا

في ضوء هذه المستجدات، يبقى مصير بوعلام صنصال رهينًا بالتطورات السياسية والدبلوماسية، حيث يتيح الدستور الجزائري لرئيس الجمهورية إصدار عفو خاص، حتى في حال وجود طعن قضائي، ما يفتح المجال أمام تسوية ممكنة لا تمسّ باستقلالية القضاء ولا بهيبة الدولة.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن الإفراج عن صنصال – إن حصل – قد يُفهم كرسالة تهدئة ضمن رؤية جزائرية لاستعادة الاستقرار في العلاقات مع فرنسا، دون التنازل عن المبادئ السيادية أو الثوابت الوطنية.

خاتمة

قضية بوعلام صنصال لم تعد مجرد ملف قضائي، بل تحولت إلى اختبار لتوازن حساس بين احترام السيادة الوطنية والانفتاح على الحوار الدولي. فبينما تطالب فرنسا بحل إنساني، تحرص الجزائر على التأكيد أن احترام مؤسساتها القضائية يجب أن يكون أولوية في أي شراكة قائمة على الاحترام.

عن وسائل إعلام فرنسية

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock