أثارت قضية فاطمة، الموظفة الجزائرية-الأمريكية في هيئة أمن النقل (TSA) بمطار أوهايو، جدلًا واسعًا بعد أن شاركت عبر “تيك توك” روايتها عن واقعة حدثت بينها وبين مسافر من الكيان الغاصب. تضمنت الحادثة تحيتها له بعبارة “رحلة ممتعة إلى فلسطين”، مما أدى إلى تصاعد المطالبات بمعاقبتها، بل حتى ترحيلها من الولايات المتحدة. تأتي هذه القضية في سياق سياسي أوسع، مع تشديد سياسات الهجرة التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، حيث يطرح برنامجًا أكثر صرامة تجاه المهاجرين.
تفاصيل الحادثة وردود الفعل
بحسب رواية فاطمة والتي يتابعها ما يقارب 220 الف شخص عبر حسابها بالتيك توك، Officially Fatima، قدّم المسافر الصهيوني جواز سفره أثناء التفتيش، فردّت عليه بتحية تشير إلى فلسطين. وعندما اعترض وأصر على أنه من “إسرائيل”، زعمت فاطمة أنه صرخ عليها وهددها، مما دفعها لاستدعاء الشرطة، التي قامت بتفتيشه وتأخيره عن رحلته. فاطمة، التي بدت فخورة بما قامت به في مقطع الفيديو الذي نشرته، أثارت موجة غضب بين مؤيدي إسرائيل، حيث اعتبروا سلوكها نوعًا من “معاداة السامية” واستغلالًا لمنصبها لتصفية حسابات سياسية.
بعد انتشار الفيديو، واجهت فاطمة حملة ضغط مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب إعلاميون ونشطاء مؤيدون لإسرائيل بإقالتها من وظيفتها، بل وصل الأمر إلى دعوات لترحيلها وعائلتها بالكامل من الولايات المتحدة. كان الإعلامي المعروف “الأخ رشيد” من بين أبرز من شارك في هذه الحملة، واصفًا تصرفها بأنه يعكس “كراهية عميقة” ويمثل “إساءة استخدام للسلطة”.

فاطمة تغلق حساباتها وسط تصاعد الهجوم
لم تستطع فاطمة مواجهة الضغوط الهائلة التي تعرّضت لها، واضطرت في النهاية إلى إغلاق جميع حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن أصبحت هدفًا لحملة تشويه منظمة، تخللتها تهديدات ومطالبات بفتح تحقيق رسمي قد يؤدي إلى فقدانها وظيفتها أو حتى ترحيلها.
ترامب وسياسات الهجرة: هل تصبح فاطمة ضحية لتيار أوسع؟
يأتي الجدل حول فاطمة في وقت يتصاعد فيه الخطاب المناهض للمهاجرين في الولايات المتحدة، خاصة مع استمرار دونالد ترامب في تنفيذ سياسات صارمة تستهدف تقليص أعداد المهاجرين. خلال خطبه الأخيرة، تعهّد ترامب بتشديد إجراءات منح الجنسية للمهاجرين، وهدد بمراجعة تجنيس الأفراد الذين “لا يثبتون ولاءهم لأمريكا”.
بالنسبة لأنصاره، تقدّم حادثة فاطمة مثالًا لما يحذرون منه: مهاجرون يحصلون على الجنسية الأمريكية لكنهم يحتفظون بولاءات سياسية أو أيديولوجية تتعارض مع سياسات الولايات المتحدة الرسمية. من هذا المنطلق، قد تصبح قضيتها رمزًا يستخدمه اليمين الأمريكي لتبرير سياسات أكثر تشدّدًا تجاه المهاجرين، خاصة المسلمين والعرب.
حرية التعبير أم إساءة استخدام السلطة؟
ينقسم الرأي العام حول القضية؛ يرى البعض أن فاطمة تعرضت لحملة استهداف لمجرد تعبيرها عن موقف سياسي يتبناه الملايين حول العالم، بينما يعتبر آخرون أن وظيفتها كمراقبة في أمن المطارات تحتم عليها الحياد التام وعدم استغلال منصبها لفرض قناعاتها الشخصية.
تفتح القضية نقاشًا أوسع حول حرية التعبير في الولايات المتحدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. ففي حين يُسمح للبعض بالتعبير عن مواقف سياسية مناهضة للفلسطينيين أو المسلمين دون عواقب، يجد آخرون أنفسهم مهددين بفقدان وظائفهم أو حتى جنسياتهم لمجرد إبداء رأي مخالف.
خاتمة
قد تكون فاطمة مجرد موظفة تحدثت بعفوية عن موقف مرّت به، لكنها وجدت نفسها فجأة في قلب صراع أيديولوجي وسياسي أكبر منها بكثير. في ظل أجواء الاستقطاب المتزايد داخل أمريكا، ومع عودة ترامب إلى الحكم بسياسات هجرة أكثر صرامة، قد تصبح مثل هذه القضايا أداة ضغط إضافية لتشديد الإجراءات ضد المهاجرين، مما يجعل مصير فاطمة وعشرات الآلاف من المهاجرين الآخرين رهن التقلبات السياسية في بلد يعاني من انقسامات عميقة.