سياسةوطنياً

بوعلام صنصال أمام القضاء الجزائري: محاكمة مثيرة للجدل بتهم المساس بالوحدة الوطنية

الجزائر – 20 مارس 2025

التمست النيابة العامة بمحكمة الجنح في الدار البيضاء، الجزائر العاصمة، عقوبة 10 سنوات سجنًا نافذًا وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري بحق الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، البالغ من العمر 76 عامًا، وذلك على خلفية اتهامه بـ المساس بالوحدة الوطنية، إهانة هيئة نظامية، الإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة مواد تهدد الأمن والاستقرار الوطني.

خلفية القضية

تم توقيف بوعلام صنصال يوم 16 نوفمبر 2024 في مطار هواري بومدين الدولي فور عودته من باريس، حيث كان متوجهًا إلى منزله في ولاية بومرداس. وجاء اعتقاله عقب تصريحات إعلامية مثيرة للجدل أدلى بها لإحدى الوسائل الإعلامية الفرنسية اليمينية المتطرفة، والتي شكك فيها في حدود الجزائر، مدعيًا أن مناطق مثل تلمسان ووهران وبسكرة كانت تاريخيًا جزءًا من المغرب قبل أن تضمها فرنسا إلى الجزائر خلال الفترة الاستعمارية.

وأفادت التحقيقات أن صنصال كان يحمل مقاطع فيديو ومنشورات إلكترونية على هاتفه وحاسوبه الشخصي، وُصفت بأنها تمس بالأمن القومي الجزائري، وتشكك في سيادة الدولة ومؤسساتها. وعلى هذا الأساس، تم تقديمه أمام وكيل الجمهورية، الذي أمر بإحالته إلى قاضي التحقيق لدى محكمة الدار البيضاء، حيث تقرر إيداعه الحبس المؤقت في سجن القليعة يوم 23 نوفمبر 2024.

محاكمة مثيرة للجدل

خلال جلسة المحاكمة التي جرت اليوم، مثل صنصال أمام قاضي الجنح حيث أبدى تمسكه ببراءته، نافيًا أن يكون قد قصد الإساءة إلى الجزائر أو مؤسساتها، مؤكدًا أن تصريحاته تندرج في إطار حرية التعبير.

وقال صنصال أثناء استجوابه:

“أنا جزائري، أحب بلادي، ولم أقصد بأي شكل من الأشكال الإساءة إلى وطني. ما قلته كان مجرد تحليل تاريخي، وقد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر، لكن ذلك لا يعني المساس بأمن الدولة أو وحدتها.”

ورغم إصرار المحكمة على خطورة تصريحاته، إلا أن المتهم رفض الاستعانة بمحامٍ للدفاع عنه، مفضلًا الرد بنفسه على أسئلة القاضي والنيابة.

بعد الاستماع إلى أقوال صنصال ومرافعة النيابة، قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم إلى يوم 27 مارس 2025، وسط اهتمام واسع من الرأي العام، خاصة في ظل تفاعل الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر وفرنسا مع القضية.

تداعيات القضية وردود الفعل

أثار اعتقال ومحاكمة بوعلام صنصال ردود فعل متباينة داخل الجزائر وخارجها. ففي حين أيدت العديد من الأوساط الجزائرية قرار متابعته قضائيًا، معتبرة أن تصريحاته تمس بالسيادة الوطنية وتخدم أجندات معادية، رأت بعض الأوساط الحقوقية أن القضية ترتبط بحرية التعبير، مما جعلها محل جدل بين أنصار الدولة والسيادة الوطنية، وبين المدافعين عن الحريات الفردية.

من جهتها، سارعت بعض الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية إلى انتقاد توقيف صنصال، معتبرة أن القضية تعكس تضييقًا على حرية التعبير في الجزائر. واعتبر محللون جزائريون أن هذا الموقف يعكس وجود تيار فرنسي معادٍ للجزائر يسعى لاستغلال أي حدث للطعن في مؤسساتها والتشكيك في سيادتها.

بين السياسة والتاريخ: جدلية الهوية والسيادة

يُعرف بوعلام صنصال بكتاباته المثيرة للجدل، والتي غالبًا ما تتناول قضايا الهوية والتاريخ، وهو من الكتّاب الجزائريين الذين اتخذوا مواقف ناقدة للحكومة الجزائرية على مدار سنوات. غير أن تصريحاته الأخيرة حول الحدود الجزائرية وارتباطها بالمغرب اعتُبرت تجاوزًا للخطوط الحمراء في ظل التوترات الدبلوماسية بين البلدين.

ما يجعل الحكم المنتظر يوم 27 مارس 2025 محل اهتمام واسع، خاصة في ظل التفاعل الكبير من قبل الرأي العام والأوساط السياسية والإعلامية داخل الجزائر وخارجها.

يبقى القرار النهائي بيد القضاء الجزائري، الذي سيحدد مصير القضية خلال الأيام القادمة.

خاتمة

تؤكد هذه القضية مرة أخرى على أهمية حماية الوحدة الوطنية والسيادة الجزائرية من أي محاولات للتشكيك أو التضليل، خاصة فيما يتعلق بالتاريخ والحدود الوطنية. فالجزائر، التي دفعت ثمنًا غاليًا لنيل استقلالها، لن تسمح بأي محاولات تمس بسلامتها الترابية أو تسعى لإعادة كتابة تاريخها وفقًا لروايات تخدم أجندات خارجية. ويبقى الشعب الجزائري موحدًا في الدفاع عن بلاده، ورافضًا لأي محاولات للنيل من سيادته واستقلال قراراته.

عن الشروق اون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!