تصاعد التوتر بين فرنسا والجزائر: باريس تقدم قائمة أولى للجزائريين المقرر ترحيلهم

في تطور جديد للعلاقات بين فرنسا والجزائر، نقلت الحكومة الفرنسية إلى السلطات الجزائرية، الجمعة 14 مارس 2025، قائمة بأسماء جزائريين سيتم ترحيلهم من الأراضي الفرنسية بسبب تهديدهم للأمن العام. تأتي هذه الخطوة في وقت حساس للغاية حيث تتصاعد التوترات بين البلدين بسبب قضايا الهجرة، والأمن، والخلافات حول ملفات إقليمية ساخنة مثل الصحراء الغربية.
إعلان رسمي من السلطات الفرنسية
أكد برونو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي، في تصريحات إعلامية يوم الجمعة، أن الحكومة الفرنسية قد أرسلت بالفعل قائمة أولية تضم عدة عشرات من الجزائريين الذين يُعتبرون مصدر تهديد للنظام العام. وفقًا لريتيللو، فإن هؤلاء الأشخاص قد يكونون من ذوي السوابق الجنائية، بعضهم قد خرج من السجون مؤخرًا، أو يشكلون خطرًا على الأمن الوطني في فرنسا. وقال الوزير: “هذه القائمة هي لحظة الحقيقة. الجزائر الآن أمام اختبار لتطبيق التزاماتها الدولية في إطار اتفاقاتها مع فرنسا. إذا فشلت الجزائر في استلام هؤلاء الأشخاص، فإننا سنطبق ردًا تدريجيًا قد يصل إلى مراجعة الاتفاقات بين البلدين.”

أسباب التوترات: الهجرة والصحراء الغربية
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس جدًا، حيث كانت العلاقات بين الجزائر وفرنسا قد شهدت تدهورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة. الأزمة بدأت تتصاعد بعد أن رفضت الجزائر استقبال رعاياها في وضع غير قانوني، وهو الأمر الذي أزعج السلطات الفرنسية التي كانت تأمل في حل هذه المشكلة عبر القنوات الدبلوماسية. أبرز تلك القضايا كان رفض الجزائر استلام المشتبه بهم في حوادث أمنية، من بينهم أحد المتهمين في تنفيذ هجوم إرهابي أسفر عن مقتل شخص في مدينة مولوز الفرنسية في فيفري 2025.
إلى جانب ذلك، فإن قضية الصحراء الغربية قد زادت من تعقيد العلاقات بين البلدين. في جويلية 2024، أعلنت فرنسا عن اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو ما أثار غضب الجزائر، التي تعتبر هذه المنطقة جزءًا من أراضيها. هذه الخطوة الفرنسية أضافت طبقة جديدة من التوتر على علاقات كانت تشهد صعوبات أصلاً نتيجة لقضية الهجرة.
ردود فعل متفاوتة: الجزائر والشارع الفرنسي
بالنسبة للجزائر، فإن هذه الخطوة تشكل تحديًا دبلوماسيًا كبيرًا. فقد أبدت الحكومة الجزائرية في مناسبات سابقة رفضًا قاطعًا لاستقبال مواطنيها الذين تم طردهم من فرنسا، مشيرة إلى أن باريس لا تلتزم دائمًا بالقوانين الدولية المتعلقة بالترحيل. وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن الجزائر قد ترفض هذه القائمة الجديدة من الأشخاص المقرر ترحيلهم، مما قد يزيد من تعقيد الوضع بين البلدين.
من ناحية أخرى، أبدى الشارع الفرنسي تأييده لهذه الإجراءات التي تهدف إلى حماية الأمن الداخلي. حيث يرى العديد من الفرنسيين أن وجود عناصر تمثل تهديدًا للأمن الوطني داخل البلاد يجب أن يتم التعامل معه بحزم. في المقابل، هناك من يرى أن فرنسا قد تتجاوز الحدود في التعامل مع قضية الهجرة، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه السياسات على العلاقات المستقبلية مع الدول المغاربية بشكل عام.
مستقبل العلاقات بين فرنسا والجزائر
من الواضح أن فرنسا تراهن على أن هذه الإجراءات ستكون نقطة تحول نحو إعادة تنشيط العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر. الحكومة الفرنسية تأمل في أن تقبل الجزائر هذه الخطوة باعتبارها خطوة نحو إعادة التعاون بين البلدين، لا سيما في ملف الهجرة. لكن في ظل التعقيدات التي تحيط بهذه القضية، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الجزائر ستتقبل هذه القوائم أم لا، خاصة في ظل تصاعد الخلافات حول الصحراء الغربية.
وفي حالة رفض الجزائر استقبال هؤلاء الأشخاص، فإن فرنسا قد تضطر إلى اتخاذ خطوات إضافية قد تشمل تعليق أو مراجعة الاتفاقات الثنائية، بما في ذلك الاتفاقات المتعلقة بالتعاون في مجال الهجرة، وملفات أخرى مثل الأمن والتجارة.
الرد الفرنسي على المواقف الجزائرية
في حال واجهت فرنسا رفضًا جزائريًا، سيكون أمامها العديد من الخيارات في إطار سياسة الرد المتدرج التي أعلن عنها روتايو. هذه الاستراتيجية قد تشمل تشديد الإجراءات المتعلقة بالمراقبة الحدودية، وتقديم دعم أكبر للشرطة الفرنسية في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات قانونية ضد الجزائر في المحافل الدولية. ولكن في الوقت نفسه، قد تسعى فرنسا إلى تجنب التصعيد الكامل، حيث إن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تؤثر بشكل مباشر على قضايا أخرى مثل التعاون الأمني، والتجارة، والعلاقات الثقافية.
خلاصة
إن إرسال باريس لقائمة الجزائريين المقرر ترحيلهم هو بمثابة اختبار حقيقي للعلاقات بين البلدين في وقت يشهد تصاعد التوترات. وتبقى الأيام المقبلة حاسمة لمعرفة مدى استعداد الجزائر للتعاون مع فرنسا في هذا الملف المعقد، ومدى تأثير ذلك على مستقبل العلاقات بين البلدين في ظل القضايا العالقة في الساحة الدبلوماسية.
عن وسائل إعلام