
منذ جانفي 2025، تواجه فرنسا انتكاسات متكررة في سياسة ترحيل الجزائريين، حيث رفضت الجزائر استقبال ما لا يقل عن 20 شخصًا رغم امتلاكهم وثائق جزائرية. وبينما تصر فرنسا على تنفيذ عمليات الترحيل، يبدو أن الجزائر تفرض سيادتها على قراراتها وترفض استقبال مواطنيها دون احترام الإجراءات القانونية اللازمة، مما يضع باريس في موقف حرج.
رفض استقبال المرحّلين: موقف سيادي أم تعنت فرنسي؟
بدأت الأزمة في 9 جانفي عندما رفضت الجزائر استقبال المؤثر الجزائري المعروف باسم “Doualemn”، رغم استيفائه جميع الوثائق المطلوبة. ومنذ ذلك الحين، رفضت السلطات الجزائرية استقبال حالات أخرى، ليصل العدد حتى الآن إلى 20 مرحّلاً على الأقل.
في مارس 2025 فقط، شهدت فرنسا رفض استقبال ثلاث حالات متتالية:
• 7 مارس: رفض استقبال رجل 31 عامًا دون تقديم أي مبررات رسمية.
• 10 مارس: رفض استقبال شخص آخر بحجة عدم امتلاكه issez-passer consulaire، وهو إجراء ضروري وفقًا للقانون الجزائري.
• 11 مارس: رفض استقبال رجل 59 عامًا مدرج في FSPRT (ملف مراقبة المشتبه بهم في قضايا الإرهاب)، بحجة عدم توفر الوثائق اللازمة.
سياسة الترحيل الفرنسية: فشل إداري وخسائر متراكمة
تواصل فرنسا محاولات الترحيل دون مراعاة للإجراءات التي تفرضها الجزائر، مما يؤدي إلى فشل هذه العمليات وتكبيد باريس خسائر متزايدة، أبرزها:
1. التكاليف المالية:
• حجز تذاكر الطيران ذهابًا وإيابًا للمرحلين والضباط المرافقين لهم.
• نفقات النقل والإقامة لقوات الأمن المكلفة بالعملية.
• تكاليف احتجاز المرحّلين في مراكز الاحتجاز الإداري (CRA)، التي تزداد اكتظاظًا.
2. إهدار موارد الشرطة الفرنسية:
• يُجبر رجال الشرطة على تنفيذ عمليات ترحيل معقدة تنتهي بالفشل، مما يضيع وقتهم وجهدهم.
• إعادة المرحّلين إلى مراكز الاحتجاز بعد فشل الترحيل يشكل ضغطًا إضافيًا على المنظومة الأمنية.
3. التوتر الداخلي في فرنسا:
• يتزايد استياء الشرطة والمسؤولين الفرنسيين من هذه الإخفاقات، حيث يجدون أنفسهم عاجزين عن تنفيذ القرارات القضائية.
• تصاعد الانتقادات الداخلية ضد الحكومة الفرنسية لفشلها في التعامل مع هذا الملف.
السيادة الجزائرية فوق كل اعتبار
الجزائر، من جهتها، تؤكد أن قبول المرحّلين ليس آليًا، بل يخضع لإجراءات سيادية، ولا يمكن لفرنسا فرض قراراتها دون التنسيق الدبلوماسي اللازم. وعلى الرغم من أن بعض المرحّلين يمتلكون وثائق جزائرية، إلا أن الجزائر تشترط استكمال جميع الإجراءات القانونية قبل إعادتهم.
مسؤول جزائري صرّح لوسائل الإعلام قائلاً:
“الجزائر ليست مجبرة على قبول كل من ترحّله فرنسا، لدينا سيادتنا وقوانيننا، ولن نسمح بفرض أي قرارات خارج إطار الاتفاقيات الثنائية الواضحة.”
ختامًا
ضفي ظل هذه الأزمة، تجد فرنسا نفسها أمام تحدٍّ جديد، حيث لا يمكنها فرض قرارات الترحيل بالقوة على الجزائر. وبينما تصر باريس على نهجها الحالي، فإن الجزائر تثبت مرة أخرى أن قرار قبول المرحّلين شأن سيادي لا يخضع للضغوط الخارجية، تاركة فرنسا تواجه تداعيات سياساتها الفاشلة.