جان ميشيل أباتي يعلن مغادرته RTL بعد تعليقاته حول الاستعمار في الجزائر

أعلن الصحفي الفرنسي جان ميشيل أباتي، عبر حسابه على منصة “إكس”، أنه لن يعود إلى العمل في إذاعة RTL، بعد أن تم إبعاده عن الأثير لمدة أسبوع على خلفية تصريحاته حول الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وأكد أباتي أنه لم يرتكب أي خطأ، مشددًا على تمسكه بموقفه من هذه القضية التاريخية.
تصريحات أثارت الجدل
في 25 فيفري الماضي، أثار أباتي جدلًا واسعًا بعدما شبّه الجرائم الاستعمارية الفرنسية في الجزائر بمجزرة أورادور-سور-غلان التي ارتكبتها وحدة من الـ Waffen SS عام 1944، وأسفرت عن مقتل 642 مدنيًا. وعندما واجهه الصحفي توماس سوتو بسؤال استفزازي: “هل تصرفنا مثل النازيين؟”، أجاب أباتي: “النازيون تصرفوا مثلنا”.
هذه التصريحات فجّرت موجة من الانتقادات، لا سيما من شخصيات سياسية بارزة على غرار جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني (RN)، الذي وصف كلامه بأنه “تزوير شائن للتاريخ وإهانة لجميع الفرنسيين العائدين من الجزائر”، فيما اعتبر إريك سيوتي أن أباتي “يتقمص دور واعظ جزائري”.
رفض الاعتذار والاستقالة من RTL
بعد قرار RTL إبعاده عن الأثير لمدة أسبوع، أعلن أباتي أنه لن يعود إلى الإذاعة، مبررًا موقفه بقوله:
“إذا عدت إلى RTL، فهذا يعني أنني أوافق على العقوبة وأعترف بأنني ارتكبت خطأ، وهو أمر لا يمكنني قبوله.”
وأوضح أنه لا تربطه أي علاقة شخصية بالحرب الجزائرية، لكنه تأثر بشدة بعد اطلاعه على الوثائق التاريخية التي توثق الانتهاكات التي تعرض لها الجزائريون خلال 132 عامًا من الاستعمار، بما في ذلك المجازر والتشريد والقوانين العنصرية مثل نظام الأهالي (Code de l’Indigénat)، الذي حرم الجزائريين من حقوقهم الأساسية وكرّس التمييز ضدهم.
بين الإنصاف التاريخي والتوظيف السياسي
بينما نددت شخصيات سياسية بتصريحات أباتي، دعمت عدة جهات حقوقية وإعلامية موقفه، معتبرة أن ما قاله يستند إلى حقائق تاريخية موثقة. فقد ذكّرت رابطة الصحفيين المناهضين للعنصرية بمجزرة مغارة الظهرة عام 1845، حيث قام العقيد بيليسييه بخنق حوالي 1000 جزائري بالدخان أثناء عمليات القمع الفرنسية.
هذا الجدل يعيد إلى الواجهة قضية الاعتراف الرسمي بالجرائم الاستعمارية، والتي لا تزال موضوعًا حساسًا في فرنسا، وسط انقسام حاد بين من يدافع عن سردية تاريخية قائمة على الحقيقة، ومن يسعى إلى إنكار الماضي أو تبريره لدوافع سياسية.
ختامًا
قد تكون مغادرة جان ميشيل أباتي لـ RTL خسارة مهنية له، لكنها، بالنسبة له، مكسب أخلاقي في معركة الدفاع عن الحقيقة التاريخية، حتى وإن كان ذلك على حساب مستقبله الإعلامي. ويبقى السؤال: هل سيأتي اليوم الذي تواجه فيه فرنسا ماضيها الاستعماري بشجاعة ووضوح؟