وطنياً

إيداع وزير الداخلية الأسبق صلاح الدين دحمون الحبس: قضية فساد تهز المشهد السياسي في الجزائر

الجزائر – مارس 2025

في إطار الجهود المستمرة لمكافحة الفساد في الجزائر، قرر قاضي التحقيق بالقطب المالي والاقتصادي بمحكمة سيدي أمحمد، يوم السبت، إيداع وزير الداخلية الأسبق صلاح الدين دحمون الحبس المؤقت بمؤسسة القليعة العقابية. جاء هذا القرار على خلفية تهم تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ، وهي قضايا باتت تطال العديد من المسؤولين السابقين في البلاد.

خلفية القضية: صفقات مشبوهة وامتيازات غير قانونية

بدأت التحقيقات في ملف دحمون منذ أشهر، حيث استدعته الجهات القضائية عدة مرات للاستماع إلى أقواله بشأن شبهات فساد مالي وإداري. وتشير التقارير إلى أن القضية تتعلق بملف الإعلانات الخارجية في الجزائر العاصمة، حيث يُشتبه في منح امتيازات غير قانونية لشركة متخصصة في هذا المجال.

هذه الشركة، التي استفادت من امتيازات واسعة منذ عام 2006، تواجه اتهامات بعدم دفع مستحقات مالية لصالح البلديات، إضافة إلى التهرب الضريبي. ومع ذلك، استطاعت الاحتفاظ بوضعها التفضيلي لفترة طويلة، وهو ما دفع السلطات القضائية إلى فتح تحقيق موسع بشأن هذا الملف.

التهم الموجهة: استغلال المنصب والتلاعب بالمال العام

يواجه دحمون عدة تهم، من بينها:

• استغلال النفوذ: يُشتبه في أنه تدخل لتسهيل منح امتيازات لشركات معينة دون المرور بالإجراءات القانونية اللازمة.

• تبديد المال العام: قراراته أدت إلى خسائر مالية للدولة، خصوصًا فيما يتعلق بتحصيل مستحقات الإعلانات غير المدفوعة.

• إبرام صفقات مخالفة للقانون: يُعتقد أنه كان طرفًا في اتفاقيات لم تستوفِ المعايير القانونية المطلوبة.

صلاح الدين دحمون: مسيرة سياسية قصيرة انتهت بالملاحقة القضائية

تولى صلاح الدين دحمون منصب وزير الداخلية في أبريل 2019، خلال فترة شهدت تغييرات كبيرة في المشهد السياسي الجزائري. لم تستمر ولايته طويلًا، حيث تم إنهاء مهامه في ديسمبر 2019.

قبل ذلك، شغل دحمون منصب الأمين العام لوزارة الداخلية، وكان يُعرف بقربه من مراكز صنع القرار. غير أن مساره السياسي انتهى سريعًا، ليجد نفسه بعد سنوات في قلب تحقيقات قضائية تتعلق بالفساد وسوء استغلال السلطة.

تداعيات القضية: هل تتوسع التحقيقات؟

تشير المصادر إلى أن التحقيقات قد تشمل شخصيات أخرى لها صلة بهذا الملف، خاصة المسؤولين المحليين الذين أشرفوا على منح تراخيص الإعلانات الخارجية. في الأشهر الماضية، تم وضع عدد من رؤساء البلديات تحت الرقابة القضائية بسبب قضايا مشابهة، وهو ما قد يؤدي إلى الكشف عن مزيد من التفاصيل في الفترة المقبلة.

ردود الفعل: دعم لمكافحة الفساد

لقيت هذه القضية اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، حيث أكد العديد من المراقبين أن محاسبة المسؤولين السابقين المتورطين في قضايا فساد هو خطوة إيجابية نحو تعزيز الشفافية والحكم الرشيد.

على المستوى الرسمي، أكدت السلطات مرارًا التزامها بمكافحة الفساد، مشددة على أن العدالة ستأخذ مجراها وفق القوانين المعمول بها، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.

خاتمة: نحو تعزيز الشفافية والمساءلة

تمثل قضية إيداع صلاح الدين دحمون الحبس المؤقت محطة جديدة في مسار مكافحة الفساد بالجزائر، حيث تؤكد السلطات أنها ماضية في جهودها لضمان الشفافية والمساءلة. ومع استمرار التحقيقات، يترقب الشارع الجزائري التطورات القادمة، في انتظار ما ستسفر عنه الإجراءات القضائية بشأن هذا الملف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!