دولياً

محاكمة المدعوة صوفيا بنلمان في ليون: حرية التعبير أم خطاب كراهية؟

ليون، 19 مارس 2025 – وسط أجواء متوترة شهدتها قاعة المحكمة في ليون، مثلت المدعوة صوفيا بنلمان، البالغة من العمر 54 عامًا، أمام القضاء الفرنسي بتهم تتعلق بـ “التهديد بالقتل” و”التحريض على الكراهية”، على خلفية تصريحاتها المثيرة للجدل عبر تيك توك وفيسبوك.

بين حرية التعبير وخطاب الكراهية

تحظى بنلمان بمتابعة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتابعها أكثر من 350 ألف شخص، وارتبط اسمها بمحتوى مثير للجدل وتصريحات صادمة أثارت موجات من الانتقادات. غير أن أحد مقاطع الفيديو التي بثتها فجّر جدلًا واسعًا، حيث وجهت إهانات لامرأة أخرى بقولها: “تبا لـ أمك أنت وفرنسا، أتمنى أن تُقتلي، أتمنى أن يقتلوك”.

في المحكمة، حاولت بنلمان التخفيف من وقع كلماتها، موضحة أنها لم تكن تقصد التهديد الحقيقي، بل كانت مجرد “طريقة في الكلام” و“لحظة انفعال”. لكنها لم تُظهر ندمًا واضحًا، بل حافظت على نبرة دفاعية قوية، مما زاد من حدة التوتر خلال الجلسة.

الادعاء يطالب بعقوبة مشددة

النيابة العامة لم تقتنع بمبررات المتهمة، حيث اعتبر ممثل الادعاء أن تصريحاتها تمثل خطرًا على السلم الاجتماعي وتتجاوز حدود حرية التعبير. وطالب بفرض عقوبة سنة سجن مع وقف التنفيذ، إضافة إلى 240 ساعة من العمل للمصلحة العامة، مع حظر استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي لمدة ستة أشهر.

وقال ممثل الادعاء أمام المحكمة: “القانون الفرنسي يحمي حرية التعبير، لكنه لا يسمح بالتحريض على العنف والكراهية، خاصة عندما يكون موجهاً ضد الدولة أو فئات معينة من المجتمع”.

محامي الدفاع: “محاكمة سياسية بامتياز”

على الجانب الآخر، دافع محاميها فريدريك لاليارد عنها بقوة، مؤكدًا أن القضية ليست سوى محاكمة سياسية في سياق توترات دبلوماسية بين باريس والجزائر. وأضاف: “لو لم تكن هناك أزمة سياسية بين البلدين، لما وصلت هذه القضية إلى المحكمة”.

وأشار إلى أن موكلته معروفة بمواقفها الحادة منذ سنوات، لكنها لم تكن محل مساءلة قانونية من قبل، متسائلاً: “لماذا الآن تحديدًا؟”.

سوابق قانونية وسجل مثير للجدل

ليست هذه المرة الأولى التي تجد فيها صوفيا بنلمان نفسها في مواجهة مع القضاء الفرنسي. ففي عام 2001، حُكم عليها بالسجن سبعة أشهر مع وقف التنفيذ ومنعت من دخول الملاعب لمدة ثلاث سنوات، بعدما اقتحمت ملعب ستاد دو فرانس خلال مباراة ودية بين فرنسا والجزائر وهي ترفع العلم الجزائري، في مشهد لا يزال عالقًا في الأذهان.

قرار المحكمة في 15 أفريل

من المقرر أن تصدر المحكمة حكمها النهائي في 15 أفريل المقبل، وسط ترقب إعلامي وشعبي كبير، خاصة في صفوف الجالية الجزائرية في فرنسا، حيث يرى البعض أن المحاكمة جزء من حملة تشديد على حرية التعبير، بينما يعتبرها آخرون خطوة ضرورية لمكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت.

مهما كان الحكم، فإن قضية صوفيا بنلمان تعكس الجدل المستمر حول حدود حرية التعبير، ودور وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج التوترات السياسية والاجتماعية بين فرنسا والجزائر.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock